ثلاث تجارب يطلق عليها ” خدمات الكترونية” خضتها في ثلاث مؤسسات خدمية لم تثبت أي واحدة منها في اثبات اننا بدأنا في المراحل المتقدمة من عمليات التحول الرقمي للحكومة الالكترونية وسأسرد باقتضاب تلك التجارب الثلاث حسب تسلسلها التاريخي.
الاولى كانت منذ ما يربو عن العام ونصف العام كانت الخدمة تنص على أن يتم ادخال البيانات الكترونيا من مكتب البريد تحول بعدها ورقيا للجهة الطالبة وانتظار اشعارات الرسائل النصية لانهاء المعاملات، لم يفلح التحول الرقمي ولا الرسائل النصية ولا المراجعات الشخصية في انهاء اجراءات تلك المعاملة ويبقي الامر مرهونا ب ” المعرفة ” كي يسيل الماء الراكد. ثاني تلك التجارب بانهاء معاملة يومية ” روتينية” متوافر سندها الالكتروني على موقع المؤسسة الخدمية لكن ما أن يتم التقديم عليها حتى يطلب منك الرجوع الى مكاتب سند لتخليص المعاملة لان أنظمة التحول الرقمي لم تكتمل بعد لدى تلك الجهة. وثالث تلك التجارب ايضا بالتقديم على خدمة من تطبيق تلك المؤسسة المليىء بالخدمات الروتينية اليومية على وعد بأن يتم الاستجابة لطلبك خلال ثلاثة عشر يوما، وتمضي الايام من دون أن يتم التواصل معك او ايجاد حل لمشكلتلك.
تعمدت عدم البوح بأسماء التجارب الشخصية الثلاث ولكنني اجزم ان بعضها واضح او يتشابه مع مؤسسات اخرى تحاول تقديم خدمات تحول رقمي للجمهور، وهنا ايضا كي لا يساء فهي احاول ايضاح أن بعضا من الجهات الخدمية قد قطعت شوطا كبيرا في مجالات التحول الرقمي لخدمات وحازت على رضا الجمهور، غير انني هنا اتحدث عن تجارب شخصية مررت بها وشعرت بعدم جدية ما يسمى بالتحول الرقمي والانتقال الى مجتمع الاعمال المتمدن الذي يمكن أن تنهي فيه اعمالك من اي مكان في العالم وبضغطة زر كما يقال.
الاحصاءات الحديثة والصادرة من الجهة المسند اليها مراقبة التحول الرقمي تقول أن متوسط الاداء العام لتحقيق متطلبات التحول الرقمي الحكومي في المؤسسات الحكومية في سلطنة عمان بلغ 62 % بنهاية العام الفائت وان 9 مؤسسات من بين 49 مؤسسة حكومية حققت مستوى فوق المتوسط ( المستوى الاخضر) والباقي يتوزع بين المستوى الاصفر والاحمر ويمكن الرجوع الى التقرير بشكل مفصل منشورا ، وقد تكون هذه النسبة مقبولة بعض الشىء باعتبار ان اكثر من خمسين في المئة من التحول قد تم انجازه لكنها في ذات الوقت تعد نسبة غير مقبولة اذا ما عرفنا أن شرارة التحول الرقمي والدعوات الى اتمتة العمليات والخدمات قد بدأت منذ ما يربو على العشرين عاما ولم تتجاوز النسبة الخمسين بالمئة الا قليلا كما وان عمليات الاتمتة والتحول في العالم تسير بسرعات كبيرة جدا اذا ما قارناها بالمعدل الموجود لدينا هنا مع الكثير من مؤسساتنا الخدمية.
قد أعزو بطىء عمليات هذا التحول الى عدة اسباب منها عدم الجدية في رقمنة الخدمات الحكومية مع وجود جيل لا يزال يؤمن بالطرق التقليدية الورقية في انجاز وتخليص المعاملات وعدم الشعور باحتياجات العملاء والمستثمرين والمراجعين في وجود خدمات تساعدهم في انهاء خدماتهم بالسرعة المناسبة اضافة الى عدم وجود جدول زمني محدد للانجاز، وقد تدخل عوامل اخرى كالكلفة العالية في عمليات التحول وعدم وجود الكفاءات المناسبة لقيادة هذه العمليات وغيرها من الصعوبات التي تعترض طريق تسريع وتيرة الرقمنة.
بينما اكتب هذا العمود فكرت في حال من يريد الاستثمار والتجارة وتخليص معاملاته مع الجهات الخدمية وهو غير متواجد في اراضي سلطنة عمان كيف سيكون وضعه وقارنت هذا الوضع مع وضعي الذي لم يستطع وهو داخل بلده من انهاء اجراءات خدماته الالكترونية.