قد يكون مصطلح “وسائل اعلام المستقبل” هو الوصف الاقرب عند تشخيص حالة وسائل الاعلام في الوقت الراهن ولاعطاء ميزة تفاضلية للشكل الذي يمكن أن تكون عليه وسائل الاعلام في المستقبل ولاضفاء صبغة ونعوت تميل الى التقليل من وسائل الاعلام التقليدية وأهميتها وأهدافها ورسائلها، ويعتبر هذان التعبيران بحسب دارسي الاعلام بأنهما تعبيران منفصلان ويطلقان للتمايز بين القديم والحديث والتقليدي والمستقبلي الى أن برز مصطلح الاعلام الهجين وهو عبارة عن تمازج واندماج وتكامل بين الاعلام التقليدي بكافة اشكاله وصوره من صحافة واذاعة وتلفزيون والاعلام الحديث المتمثل في المنصات الرقمية ومنصات وسائل التواصل والاشكال الاعلامية المختلفة التي تستخدم تقنيات مستقبلية من الذكاء الاصطناعي في انتاج مواد إعلامية بقوالب مختلفة.
كل القوالب التقليدية والحديثة والمستقبلية سوف تنصهر في قالب واحد لينتج عن هذا الانصهار مفهوم جديد لوسائل الاعلام يجمع كل الفنون التحريرية والبصرية والتقنية في منصة واحدة تكون قادرة على التشكل والتحور بحسب طبيعة الوسيلة والجمهور والفئة المستهدفة وما يفضله المتلقي لاستقبال رسالته الاعلامية في الوقت والمكان والزمان المناسب له، مع ضمان بقاء تلك الرسالة لاطول فترة ممكنة وسهولة استرجاعها والاحتفاظ بها ومشاركتها وغيرها من الخصائص التي سيتميز بها ذلك النوع من الاعلام الهجين، الذي يتوقع له أن يكون أرخص في الكلفة والتشغيل من الوسائل التقليدية وحتى الوسائل الحالية الحديثة المملوكة من قبل شركات التكنلوجيا العملاقة المتحكمة في مضمون كثير مما يبث عبرها ومهيمنة على السوق الاعلاني والتجاري في العالم بأجمعه.
ارهاصات تشكل هذا النوع الهجين من الاعلام بدأت تظهر على السطح وان لم يكن بتلك الدقة العالية التي يمكن أن تميزه عن الاعلام التقليدي والحديث، غير أن بعض التجارب العالمية بدأت في سلوك هذا الطريق مستخدمة أشكالا تقنية وتحريرية متعددة مختلطة بعضها مع البعض الاخر كي تنتج رسالة بكافة الاشكال والالوان.
في المستقبل القريب لن يكون هنالك ما يسمى صحيفة فقط او اذاعة فقط او تلفزيون فقط او موقع الكتروني لوحده فقط او وسائل تواصل اجتماعي منفردة فقط بل ما سيكونه الوضع الجديد عبارة عن مزيج من كل هذه الفنون مجتمعة في قالب واحد ومنصة واحدة مضافا اليها عدة اضافات مستقبلية في الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية والالعاب الالكترونية، وستتبدل الكثير من القيم والمعايير الاعلامية والصحفية لصالح المولود الجديد وسيدخل الكثير من اللاعبون في هذا المضمار ابتداء من صانعي الرسالة الاعلامية والاعلاميين المحترفيين مرورا بصناع التقنية وممتهنيها ورجال الاعمال الباحثين عن الثراء والساسة الباحثين عن الشهرة والاضواء وغيرهم الكثير من اللاعبين، ولكن يستثنى من هذا النوع من الاعلام أحد فالكل سوف يجد فيه ضالته.
مع تمكن الاعلام الهجين وسيطرته على الساحة سوف تختفي كل الوسائل الاعلامية الاخرى واحدا تلو الآخر، ولعلنا نشهد حاليا على اختفاء الاعلام الصحفي الورقي وانسحابه من المشهد رويدا رويدا يتلوه في الانسحاب والاختفاء الاذاعة الصوتية المعتمدة على موجات الراديو وسيختفي بعد أمد ليس بالطويل التلفزيون وقد يتحور هذا الجهاز الى جهاز جديد يكون له نصيب في الاعلام الهجين المستقبلي.
علينا أن نعي أن التغيير في وسائل الاعلام قادم لا محالة وأن علينا الاستعداد مبكرا لذلك اليوم بكل ما يمكننا الاستعداد له من التسلح بالتقنيات الحديثة وتدريب واستقطاب الكوادر المؤهلة لتشغيل وادرة الوافد الجديد ووضع الخطط والاستراتيجيات لقدوم ذلك اليوم وتعديل الكثير من الانظمة والقوانين واللوائح المسهلة لوصول الرسائل الاعلامية وإعادة صياغة مفهوم الرسالة الاعلامية ذاتها.