جربت خيار أن أكون أخضر وأتصالح مع البيئة من حولي، البداية كانت «لمبات» الإضاءة التي تعمل بالطاقة الشمسية، زرعت بعضا منها في أنحاء المنزل علها تشفع لي عند الحديث مع الأصدقاء عن مبادراتي الشخصية المتعلقة بصون البيئة وعدم الإضرار بها والتحول إلى الطاقة الخضراء النظيفة، لكن ما زرعت لم يؤت ثمره فاضطررت لاجتثاثها لأسباب عدة لعل أولها أن كفاءتها لم تكن عالية بالمقارنة بالإنارة التقليدية- وهو الاسم الذي يفضله أنصار التجديد في كل شيء لتمييزه عن التقليدي القديم- والأمر الآخر أن فاتورة العناية الخاصة بتلك الأجهزة في التنظيف والاهتمام قد تعادل فاتورة الكهرباء إن لم تزد عليها.
كيف أكون أخضر إذا؟ برقت في ذهني فكرة اقتناء سيارة كهربائية أستبدلها بسيارة الدفع الرباعي ذات الخزان الواسع «الشافط» للوقود. بحثت عن جدوى شراء هذا النوع من السيارات الكهربائية ومدى وجودها في شوارع مسقط وتوفر الشواحن الكهربائية لهذا النوع من السيارات في الأماكن العامة ومحطات الوقود، لكن رقم الأربعمائة سيارة كهربائية الموجودة في سلطنة عمان ونقاط الشحن التي لا يربو عددها عن المائة نقطة فقط مع عدد قليل من وكلاء البيع وارتفاع أسعار تلك السيارات لم يشجعني كثيرا للمضي في إنفاذ فكرة الاخضرار في الحياة، فعدت إلى صديق أعرفه لسؤاله عن تجربته الشخصية في استعمال السيارة الكهربائية وصدقا لم يشجعني كثيرا على ذلك.
أقرأ كل يوم أنني بسلوكي هذا سأقوم بتدمير البيئة من حولي وسأسهم في ارتفاع حرارة الأرض والاحتباس الحراري وشح الأمطار وزيادة الفيضانات وأنني وأمثالي من غير الخضر سوف نتسبب في ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وسنزيد من ارتفاع الغازات الدفينة وأننا سنرفع من كلفة الفاتورة التي تدفعها الدول في سبيل الحد من ارتفاع درجات حرارة الجو ولو بأقل من درجتين مئويتين قبل الموعد المحدد في اتفاقية باريس للمناخ بحلول عام 2050 مع فرص للحصول على الحياد الصفري من انبعاثات الغازات الدفينة إلى الجو.
خبراء الطاقة النظيفة أنفسهم يعترفون بأن هنالك الكثير من الجهد والعمل المضني بحاجة لتحقيقه وتقديرات وكالة الطاقة العالمية تقول: إن قدرة الطاقة المتجددة بحاجة إلى مضاعفتها ثلاث مرات عما عليه الآن بحلول العام 2030 بالإضافة إلى شح الموارد المالية التي تقدر بأن العالم بحاجة إلى مائة مليار دولار سنويا من أجل دعم جهود خفض الانبعاثات وإحلال الطاقة المتجددة فضلا عن خفض أسعار الطاقة البديلة وتكاليف البحث والتطوير وغيرها من الأمور المعرقلة لتوسيع رقعة الطاقة الخضراء النظيفة في العالم.
الطريق إلى تحقيق استدامة في قطاع الطاقة المتجددة طويل ويمشي ببطء وتعترض طريقه الكثير من الصعوبات فالحد من الكثير من الممارسات المدمرة للبيئة يشق طريقة بصعوبة بالغة لأسباب مختلفة تؤدي الدول فيها العامل الأكبر والأفراد كدور أقل ولكن المؤمل أن تستوعب الدول والمنظمات قبل الأفراد من أنه لا فكاك ولا خلاص للعالم والبشرية سوى سلوك نهج الممارسات التي تتفق مع الصون والحفاظ عليها وصونها، ولعل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) الذي سيعقد نهاية هذا الشهر في دولة الإمارات العربية المتحدة وتشارك فيه سلطنة عمان بوفد على مستوى عالٍ سيناقش عددا من القضايا المتعلقة بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من مصادرها المختلفة كالصناعة، والنقل، والزراعة، وإنتاج الطاقة، والتخلص من النفايات.
صديق ممن أشعل الضوء الأخضر حتى وإن كان ضوءا يظهر في آخر النفق أسدى لي بعض النصائح كي لا أكون شخصا متلونا بالأحمر قال: إن التقليل من استخدام الكهرباء والماء والسيارة والإكثار من رقعة اللون الأخضر قد تفي بالغرض الراهن وتساعد كمبادرة فردية في التقليل من الاحتباس الحراري ويبقى ما هو مأمول من المنظمات والحكومات أن تقوم به لحماية هذا الكوكب الأزرق من الهلاك.