يلجأ البشر للتأطير او ما يمكن ان يطلق عليه بالقولبة استسهالا للحكم المسبق على الأشياء او الأشخاص او الأمكنة وغيرها من الأمور التي يمكن ان تسهل على الانسان تأطيرها وقولبتها في اطر جماعية يتعارف عليها المجتمع بأكمله او اطر فردانية تخضع لحكم ومقياس الشخص ذاته وقولبته وقولبته لذلك الشيء الذي يريد أن يضعه داخل إطار قد يكون هذا الإطار حسي او معنوي او عاطفي.
التأطير أصبح يلازم حياتنا وبتنا لا نستطيع الفكاك منه في تفاصيل حياتنا اليومية فالشخوص يمكن تأطيرهمبالطيب والشرير او الصالح والطالح او الغني والفقير وغيرها من الأطر التي تتسق مع فهم كل شخص عن الآخر ويمكن لهذه الأطر ان تصيب في حكمها او تخطى فيه لكنها في المجمل تعد احكاما مسبقة يقع فيها الناس بناء على معارف واحكام مسبقة او وقوع تحت تأثير الآخرين سلبا او إيجابا او قد يكون هذا التأطير عبارة عن حصيلة عقلية وفكريه كونها الفرد من تجارب سابقة سبق له خوضها وساهمت بعض العلوم والمعارف في صياغتها. هذا ما يمكن ان ينطبق على تأطير الشخوص اما عن تأطير الأشياء فالأمر يعد اهون قليلا فالوقوع في دائرة المحظور او الخطأ قد يغتفر مقارنة بالأطر التي تؤطر حياة الشخوص او الأمكنة من ذلك ما يمكن ان نضربه كمثال فقط على ابداء شخص رأيه المؤطر لمكان يصفه بأنه سيئ من خلال تجربة شخصية عايشها قد يكون محقا فيها او مجانبا للحق لكنها تبقى تجربة لا تجر وراءها الوقوع في كثير من المحظورات والمحاذير.
الخوف من القولبة والتأطير العشوائي الذي لا يكلف صاحبه عناء التحقق والبحث عن صحة ما يصله من معلومات واخبار سواء اكانت فردية او مؤسسييه فيستسهل اصدار الاحكام بناء على قوالب وانماط جاهزة مختزلة في عقله كأنماط الهويات القومية والمذهبية والايدلوجية واللغوية والعرقية والاجتماعية واللونية وكل ما يمكن ان يدخل في اطار التداخل والاختلاف بين الأمم والشعوب والافراد، كل هذه القولبات قد ينتج عنها الكثير من المشكلات والمحاذير التي تقع فيها الشعوب والافراد فتعم الفوضى والبغضاء والكراهية وقد يفضي الامر الى مشاكل وقطيعة وحروب قد يكون العالم في غنى عنها بسبب قوالب جامدة مبيته كان يمكن الاستغناء عنها.
يمكن ان يكون للتأطير بعض الفوائد على عكس الشائع من ان كل تأطير يمكن ان يجر وراءه مضرة، فبعض التأطيرات قد تكون مفيدة ان كانت خاضعة للعقل او محكمة له او مستندة على أسس علمية او بحوث متعمقة مثلما يحدث في النهج الذي تنهجه بعض المؤسسات في تقييم مؤسسات أخرى ومنحها لتصنيفات واطر قد يراعى فيها بعض المنهجية في التقييم كمنح بعض المنشآت تصنيفا أعلى من غيرها في بعض السمات والخصائص وهذا ما انسحب على الكثير من التقسيمات الدولية في الإدارة والحكم والتقدم والتطور والتقنية وغيرها مما بات يطلق عليه بالمؤشرات الدولية التي ما هي الا جزء من عمليات القولبة والتأطير يستفيد منها البعض ويخسر الآخر يمكن ان تلعب الكثير من الاعتبارات المالية والتسويقية دورا كبيرا في تلك التأطيرات.
القناعات والمشاعر والعواطف هي ابرز الأسباب الدفينة التي تقف خلف فكرة القولبة او النمطية جنبا الى جنب عوامل أخرى كوسائل الاعلام والانترنيت والمشاهير وقادة الرأي وغيرها من العوامل التي تؤثر في اصدار الاحكام وقولبتها بعيدا عن محاولة تكوين رأي خاص للفرد يمكنه من الحكم على الأشياء بمفرده من دون الوقوع في شراك الاخرين وحبالهم.