دعيت الى فنجان قهوة في المقهى البنفسجي الذي لم يكن سوى تجمع لمجموعة من الشخصوص في غرفة اجتماعات يتجاذبون فيها اطراف الحديث عن شؤونهم وشجونهم ويعبرون بالكلام عما يختلج في نفوسهم من مشاعر واحاسيس، فهمت لاحقا أن المقهى لم يكن سوى عن تجمع لمقدمي الرعاية الاولية لمرضى الزهايمر وان فكرة المقهى قائمة على اساس تشارك اعضاءه والحاضرين فيه تجاربهم وطرح تساؤلاتهم ومحاولة الحصول على بعض الاجوبة عن المرض والمرضى وكيفية العناية بهم والاهم من ذلك هو سرد التجارب المختلفة لمقدمي الرعاية والاهل في كيفية التعامل مع مريض الزهايمر في مراحله المختلفة.
فكرة المقهى البنفسجي احتضنتها الرابطة العمانية للزهايمر ودعت اليه أقارب المرضى ومن يقوم على خدمتهم في جو يسوده الالفة والحميمية يتحدثون فيه عن التجارب المختلفة على أكواب من الشاي والقهوة بعيدا عن أجواء المشافي والبيوت والمعاناة مع المرضى وخدمتهم وكأن المقهى بمثابة استراحة محارب للطبيب ومقدم الرعاية الصحية والممرض وللاسرة بأكملها يكسرون فيها بعض الحواجز المجتمعية التي تعيق الحديث عن الكثير من الامراض ومنها الامراض النفسية والخرف وامراض الشيخوخة بحجة أنها أمور من النادر أن يتم الحديث عنها في العلن.
- الالسنة التي تحدثت عن تجاربها في أولى جلسات مقهى الزهايمر البنفسجي لامست بعضا من المعاناة التي يعانيها المريض واهله وبحثت عن أجوبة للكثير من الاسئلة كنسب الشفاء واحتمالية الاصابة الوراثية بالمرض والطرق الكفيلة للحماية من المرض وما الذي يمكن أن يقدمه المجتمع والجمعيات التطوعية الاخرى لمريض الزهايمر وأهله اذا ما وضع في الاعتبار كلفة العناية بالمريض خصوصا مع التقدم في العمر والذي كما قال عنه الاطباء انه يمكن ان يمتد من ثمان الى سبع عشرة سنة بعد ظهور الاعراض الاولية عليه وغيرها الكثير من الاسئلة التي حاول المشتغلون من أطباء الطب السلوكي والامراض النفسية والحضور الاجابة عليها.
قد لا يكون استخدام المقاهي كمنصات وتجمعات لفئات معينة من طبقات المجتمع وجمعياته بالامر الجديد فقد خبر العالم المقاهي ليس فقط كمكان لشرب القهوة او قضاء وقت الفراغ وانما هو مكان للتجمع والالتقاء والدردشة وتوالد الافكار مثلما يقوم به الادباء من تخصيص المقاهي كصالونات لتجمعاتهم او الجمعيات المهنية المختلفة، لكن رمزية المقهى ودلالته في التجمع هي محاولة لكسر جدية الكثير من الامور وتسهيل ايصال الافكار والمعتقدات في جو يغلب عليه الالفة والاسرة والمودة بين من يلتقون حول طاولة تدور حولها فناجين القهوة والشاي والمشروبات الاخرى، وفي حالة المقاهي البنفسجية فان فكرتها بدأت في العام 1997 من قبل طبيب نفسي هولندي انتشرت بعدها في الدول الغربية وهي تتيح الفرصة لاهالي المرضى لتبادل الخبرات والتجارب الخاصة بهم، وفي بعض الدول امتدت هذه الفكرة الى مشروع قرية نموذجية لمرضى الخرف والزهايمر تكون بها مكتبة وحديقة ونادي رياضي ومراكز للتسوق تلائم حياة مريض الخرف والزهايمر يقوم عليها مختصون من الاطباء والممرضين وتسمح للاقارب بالاقامة والزيارة، وكل ذلك من أجل ايجاد بيئة مناسبة للمريض ولأهله ممن يقومون على خدمته.
من واجبنا كلنا افرادا ووسائل اعلام وجميعات واطباء دعم مثل هذه الافكار والترويج لها والوقوف يدا بيدا مع القائمين عليها لما لها من أثر طيب تتركه في نفوس المشتغلين في الاعمال التطوعية ولمقدمي الخدمة حتى وان كان هذا الدعم يتمثل بكتابة هذا المقال على سبيل المثال.