هل الحياة عادلة؟ سؤال جدلي سفسطي بدأ طرحه منذ أزمان مدينة إفلاطون الفاضلة وما قبلها وحتى اليوم لا زلنا نسأل نفس السؤال لماذا لا توجد عدالة في الحياة ويقصد بها هنا ليس عدالة القضاء وانما عدالة السماء بمفهوم الاوسع والاشمل. لماذا هنالك أغنياء يملكون الملايين وفقراء لا يملكون قوت يومهم اين العدالة في ذلك؟ لماذا هنالك المرضى المدنفين في امراضهم واسقامهم وغيرهم يرفلون في ثوب الصحة والعافية أين هي العدالة في ذلك؟ ولماذا هنالك الاذكياء جدا وغيرهم من الاغبياء ولماذا ولماذا وغيرها من التساؤت الحائرة المسافرة عبر المسافات والتي لا تجد لها أية اجابة باستثناء أن الحياة أكبر من تؤطر في مفهوم العدل والمساواة وأكبر من أن تعبأ في قالب لماذا أنا هكذا وغيري كذا وفي أحيان كثيرة اوسع من أن يعيها عقل الانسان المستخلف.
https://youtube.com/shorts/bxF6HELfgps?feature=share
هذا النوع من الاسئلة المفتوحة الاجابة قد لا تلامس الواقع في كثير من تساؤلاتها الحيرى لان واقع الحياة يفرض أن يكون فيه الشىء وضده بها الابيض وضده الاسود به الصحة وضده السقم به الغنى وضده الفقر به العلم وضده الجهل بها كل شىء وضده وما بين الاضداد تأتى الفوارق المتباينة التي تتوسط هذه الحياة وقد يكون لاوسطها الغلبة الاكبر وايضا قد يكون لاوسطها الجمال فالتوسط هي السمة الابرز والاكبر والاجمل.
البعد عن الواقعية هو ما يجر الى مثل هذه التساؤلاتالتي بدروها تقود الى تتشاؤلات يمتزج فيها التفاؤل بالتشاؤم باعتبارها حالة نهائية لتساؤلات الحيرى باحثة عن اجابة. بعض من يسمون ذواتهم بالمحفزين والمنشطين وخبراء الذات والنفس هم من يسهمون أكثر من غيرهم في اذكاء جذوة هذه الاسئلة سواء بقصد أم بغير قصد فهم لا يدرون أن ما يثيرونه من أسئلة تنتهي بأن ينفصل المرء عن واقعه وينعزل عن محيطه ويقع في شرك وفخ الكلمات البراقة اللامعة التي ما أن يتلبسها المرء حتى تبدأ حياته في الانقلاب رأسا على عقب.
كثيرة هي الجدليات التي أحاول أن أخرجها من قمقم الصمت واصدح بها عاليا لاحاجج واشاكس بها بعضا من الزملاء، بأن الحياة ليست زهرية كما ترونها على شبكات التواصل وهي ليست براقة كما تسمعونها على ألسنة الببغاوات البشرية وهي ليست بالبياض التام ولا بالسواد المعتم هي كل شىء وبها كل المتناقضات وبداخلها كل الواقعية التي يجب أن تعاش بضمير الأنا لا بضمير الهو او الهم.
أحاول أن أسوق لهؤلاء الاصدقاء بعضا من الامثلة على حياة الواقع التي يجب أن يقفوا بأرجلهم عليها ولا يكتفون فقط بسماع قصص النجاح او الفشل وقصص الواقع وغير الواقع وقصص الممكن وغير الممكن فلكل شخص له تجربته في الحياة تناقض تجربة الآخر وكما قيل بأنك لو نظرت عن قرب لحال أحدهم لتحسده على شىء لتمنيت أن لا تكون مكانه في كل شىء فالنظر الى الزوايا الضيقة هو ما يثير تلك الاسئلة والبعد عن الرؤيا المسطحة هي يجعل النظر قصيرا للحياة وشخوصها.
لنلامس أرض الواقع ونبتعد عن الاحلام ونحاول ما استطعنا الى ذلك سبيلا أن نجعل الحياة بلا أسئلة سفسطية حيرى وان نهجر المقارنة والمماثلة والمقايسة بالاخرين فكل له ظرفه وكل له خاصته وكل له حياته التي تختلط فيها الالوان والمتضادات والمتناقضات وأن نسعى الى رسم وتشكيل الصورة الكبرى للحياة التي يختلط فيها كل شىء وأن نبتعد عن الاحلام ونلامس الواقعية بأقدامنا.