حين ترتحل الغيوم إلى ظفار فاعلم أن الوقت قد حان لشد الرحال إلى الجنوب حيث الطبيعة الخضراء تكسو السهول والجبال والسحب المحملة بالمزن تنثر رذاذها الماطر على الأرض المشبعة بعبق روائح اللبان وحيث الإنسان هنالك مادا يد الترحاب لجميع الزوار القادمين من ربوع الأرض المختلفة.
العام الفائت كنت في ظفار قضيت بين سهولها ووديانها وسفوحها وجبالها أجمل لحظات الحياة حيث لا يكدر صفو الحياة فيها شيء فكل شيء جميل وحسن وهبه الله لهذه البقعة الجميلة من الأرض فتضافرت فيها عوامل البيئة والتضاريس والجمال والسحر وعذوبة المكان ونقاء الإنسان المتمسك بعاداته وتقاليده وقيمه التي لا يحيد عنها حتى مع المدنية الحديثة.
ترددي على ظفار وخريفها مستمر لم ينقطع وفي كل مرة مرة اكتشف أن هذه المحافظة بحاجة إلى مزيد من الاكتشاف والبحث والعيش في ربوعها وبين جنباتها ففيها كل مقومات ومتطلبات السياحة من البيئة الجغرافية والتضاريس العالية والجبال الشاهقة والأودية الساحرة والسهول الخضراء المنبسطة وفيها كل معاني تراث الإنسان العماني القديم والحديث المكتشف وغير المكتشف وفيها كنوز من العادات العربية الأصيلة التي لا تزال إلى يومنا هذا سمة بارزة لدى الإنسان الساكن في ربوع تلك البقعة وفيها منابع الخير والرزق والعطاء وهي سلة غذاء متكاملة يمكن أن تحقق اكتفاء ذاتيا للوطن وأهله إن أحسن استغلاله وفيها كل ما يغري المرء لمعرفته عن التقاء الثقافات والأعراق والملل والنحل المختلفة.
طفت في سنين عمري بلادا كثيرة وتنقلت بين أمصار وممالك في الشرق والغرب وارتحلت إلى بلاد بعيدة وقريبة ولكنني عندما أعود إلى ظفار أجد أن بها شيئا مميزا تمتاز به عن باقي دول العالم فهي عاصمة البخور والروائح الزاكية وموطن رحلات البحارة القدماء وبساط أخضر يمتد من الأرض إلى السماء ليكسو كل البقاع خريفا ممطرا ينعم به الإنسان ؛ غير ان ما ينقص اكتمال هذه اللوحة الفريدة الجميلة التي ابدعها الخالق هو الثيمة المناسبة والبصمة السحرية والكلمة التسويقية التي يمكن إن توصف بها هذه البقعة من الأرض عندما يأتي ذكرها.
قد نكون قد أجدنا وأحسنا في تجويد وتحسين بعض الخدمات الأساسية التي تتمتع بها هذه المحافظة والبعض منها في طور التجميل والتحسين وقد تكون الجهات القائمة على شأن المحافظة ومهرجان خريف ظفار لا تألوا جهدا في التحديث والتطوير وابتكار فعاليات وأنشطة تثري السياحة ومقوماتها في المحافظة غير إنني عندما ابدأ في وضع ظفار في كفة مع بعض العواصم التي يشد إليها الرحال في كفة أخرى أجد إننا مقصرون في الترويج السياحي لهذه البقعة الجميلة وجل التسويق والترويج الذي تقوم به الجهات المعنية ينصب على التسويق المحلي الداخلي ولا يصل إلى الخارج كثيرا.
قد يكون خريف هذا العام فرصة مواتية لاستغلاله بشكل أفضل في التسويق لمقومات المكان الطبيعية والجغرافية والمكانية بشكل أفضل ولاستقطاب الآلاف من الزوار من الداخل والخارج لما تمتاز به محافظة ظفار من مقومات تؤهلها لان تكون على قائمة وجهات السفر الإقليمية والدولية فموسم الهجرة إلى الجنوب قد حان ووقت شد الرحال قد آن فظفار وأهلها متلهفون للترحيب بزوارها من كل أرجاء الدنيا.