استغرقت في حديث مطول مع “ايميليا جيرمان” التي تصف نفسها في حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها “الرحالة ايميليا” مع تذييل توقيعها بعبارة “أشارككم حب عمان من بريطانيا” فهي تعد نفسها سفيرة لسلطنة عمان باللغة الإنجليزية وتحاول عبر حساباتها المختلفة نقل المكنون والمخزون الثقافي العميق لسلطنة عمان إلى الشعوب الأخرى خصوصا الناطقة بغير العربية، مع مراعاة أن “اميليا” نفسها تجيد اللغة العربية مطعمة ببعض اللهجات المحلية لا سيما البدوية منها.
الوقوع في حب عمان والشغف بتفاصيل الحياة اليومية للإنسان العماني والترحال عبر الزمان والمكان في الصحراء والبحر والجبل والمدينة وتوثيق تلك اللحظات عبر حساباتها الإلكترونية هو ما أسرته لي ايميليا فهي كما تقول لا تبتغي مالا كثيرا ولا شهرة في الآفاق وأنما هو الحب والشغف.
استفدت كثيرا من تجربتها في فهم الإنسان والمجتمع والولوج بسلاسة إلى مكنونات الإرث العماني وتقديمه للعالم أجمع بلغة محببة خالية من تعقيدات السياسة والاقتصاد، فلغة التراث والموسيقى والإرث الحضاري خير وسيلة للتفاهم بين الشعوب.
تقاطع لقاء ايميليا بكليب مصور “أم ليسو” وهي مفردة في صميم المجتمع العماني قد لا يعي معناها ولا مغزاها ولا دلالتها الكثير من الشعوب القريبة منا والبعيدة، وليست هذه المفردة هي الوحيدة التي احتفى بها هذا الكليب الرائع من كلمات المبدع حميد البلوشي وألحان زياد الحربي وغناء آلاء الهندي فالكليب مليء باللهجات العمانية الدارجة التي يتزاوج بعضها مع الثقافات الأخرى التي تأثرت وأثرت بها عمان مثل الثقافة الأفريقية والبلوشية وغيرها من الثقافات.
اعتبرت أن مفردة الليسو يمكن أن تكون بوابة عبور وسفيرة لسلطنة عمان للتعريف بها وبثقافتها وعراقتها وعاداتها وتقاليدها وتأثرها وتأثيرها بالمجتمعات والأعراق الأخرى، فسلطنة عمان كانت ولا تزال بوابة ومحطة لعبور الثقافات والعادات من والي العالم الآخر، وهي أي هذه الكلمة وأن كانت تعبر عن صميم المجتمع المحلي لكنها تحمل في طياتها الكثير من الجمال والقيم والعادات وهذا ما أخبرتني عنه اميليا البريطانية التي أسرت أنها تجد نفسها أكثر عندما تلبس الليسو العماني.
هذان المثالان وغيرهما من الأمثلة والتجارب التي تقوم بها وسائل الأعلام منذ أمد بعيد والناشطون والمؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي في راهن الوقت يدفعنا إلى تبني ما قد يمكن أن يطلق عليه “سفراء الثقافة” أو أي كلمة أخرى مرادفة كما هو معمول به في دول العالم المختلفة من تسمية لسفراء النوايا الحسنة وسفراء الفنون وسفراء العلوم وسفراء الآداب وغيرها من التسميات التي تهدف إلى تنصيب مجموعة من الناشطين في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والتراثية والترفيه والتسلية أن يكونوا سفراء سلطنة عمان إلى الخارج وذراعا مساندا للجهود التي تبذلها الحكومة للتعريف والترويج لسلطنة عمان ففي بعض الأحيان يكون سلاح الأعلام والكلمة الناعمة هي أفضل السبل للوصول إلى الطرف الآخر.
الكثير من التجارب الناضجة وغير الناضجة تحاول القيام بدور الناقل لثقافتها وعاداتها وقيمها عبر وسائطها المختلفة كل حسب مقدرته واستطاعته وفهمه لهذا النقل، غير أن الحاجة إلى وضع استراتيجية على الأقل بخطوطها العريضة للاحتذاء بها كفيلة أن تخرج تلك الرسالة في أبهى صورها وكفيلة أيضا أن تحقق الغاية المرادة منها مع تكليف جهة مختصة أن لزم الأمر لبناء تلك الصورة.
على يقين أن صورة سلطنة عمان زاهية باهية ولا يجادل أحد على نقاء تلك الصورة من القريب والبعيد إلا أن هذه الصورة بحاجة إلى ديمومة السطوع والنقاء والانتشار واستخدام تقنيات جديدة تخاطب الجميع بلغة واضحة تصل القلب والعقل وقد يكون اختيار سفراء للثقافة العمانية إحدى هذه التقنيات الحديثة.