– الحمام ما تعرف الحمام؟ نحن نسمي الحمام الأبيض حقم.
– جئت إلى دمشق وقطعت كل هذه المسافة لتشتري كما تقول حقم؟
– نعم؛ حقم دمشق فنانات.
– فنانات ! شو يعني؟
– يعني الحقم مالكم زينة ودمشق معروفة بتربية أفضل وأجود أنواع الحمام.
– كلامك صحيح؛ ولكن أعيد عليك السؤال .. هل قطعت مئات الكيلو مترات من السفر من مدينة الى مدينة واجتزت حدود ثلاث دول لأنك تحب تكش الحمام.
– شو يعني تكش الحمام؟
– أقصد انك بتحب تربية الحمام.
– ايوا أنا أحب الحمام كثير من وانا صغير أكش حمام.
– يعني انت حميماتي!
– ما فهمت عليك مرة ثانية؟
– الحميماتي هو من يربي الحمام.
– على قولتك أنا حميماتي؛ هل هذي تهمة؟ جريمة؟ القانون معكم يعاقب على تربية الحمام؟ مع أني أشوف كثير حمام في المدينة لكن ما مثل ما خبرني صاحبي.
– وشو خبرك صاحبك؟
– صاحبي قال لي لما تروح سوريا بتحصل الحمام يطير فوق رأسك؛ بتحصله في كل مكان موجود؛ ولو طلعت على جبل قاسيون بتحصل الحمام معشش فوقه؛ دمشق معروفة بتجارة الحمام.
– طيب وانت شو شفت؟
– الحمام لا يطير بكثرة في هذي المدينة.
– اااام م م ملاحظة جيدة؛ لم أفكر فيها من قبل..
– يمكن عندكم مهربين يهربوا حمامكم الى خارج سوريا!.
-كيف؟
– تجارة الحمام مربحة مثل تجارة السلاح؛ تعرف ان سعر الحقم الجيد عندنا يوصل سعره إلى أكثر من ألف دولار للحقمة!
– اوووف .. الف دولار لحقمة واحدة! يا لطيف. وشو جنسية هذي الحقم ؟
– هذي أنواعها مختلفة بس أغلاها المستوردة من باكستان.
– طيب كم سعر الحمام الدمشقي؟
– ما متاكد بعد؛ عشان كذا أنا جيت سوريا عشان أشوف نوع الحقم وأسعارها.
– اااامممم؛ طيب خلني أسالك سؤال ثاني: انت كيف دخلت على سوريا في هذا الوقت بالتحديد مع العلم ان الحدود مغلقة والحرب مستعرة.
– ترا انا قلت لك كل شىء في بلادكم يتم عن طريق التهريب؛ انا جيت تهريب .
– كيف تهريب؟
– وصلت للأردن وما استطعت الدخول بسبب الحدود المغلقة؛ بعدين سافرت على العراق ومن العراق الى تركيا ودخلت سوريا عن طريق تركيا بمساعدة من بعض القوات السورية اللي على الحدود؛ انتقلت بعدها من مدينة لأخرى حتى وصلت الى دمشق.
– جميل جدا؛ فيه حدا كان معك؟ اقصد فيه احد رتب لك كل هذي العملية ؟
– لا ؛ اقصد لا؛ ما احد رتب لي شىء لكن ما كنت لوحدي كان فيه احد معي.
– من وين كانوا اللي معك؟ من نفس بلدك؟
– لا لا لا انا وحدي جيت بس كان فيه معي اخوة من العراق باكستان أفغانستان السعودية وبعض الأجانب .
– طيب؛ نحن مضطرين نحجزك معنا في السجن المركزي لمزيد من التحقيقات.
– لمااااذا؟ ما هي تهمتي؟ المتاجرة في الحقم جريمة؟ انا جئت ابحث عن حمام في دمشق.
– نعم حمامنا ليس للاتجار به؛ سوف تتم محاكمتك لأنك أردت الاتجار وتهريب حمام من دمشق حسب اعترافاتك.
– ولكن…
– لكن ماذا ؟
– متى يمكن إطلاق سراحي؟ اريد العودة الى بلادي؛ لا اريد حقمكم ؛ سأذهب الى الباكستان او أفغانستان فحقمهم أسهل وأفضل والدخول الى أراضيهم اسهل وءامن.
– هل ذهبت الى أفغانستان من قبل ؟
– آآآه … لماذا كل هذه الأسئلة؟
– سألتك .. هل ذهبت الى أفغانستان لشراء الحمام؟
– مررت على العراق؛ دخلت الباكستان؛ وزرت أفغانستان حتى اليمن زرتها بحثا عن حقم يمانية.
– وكيف وجدت حقم اليمن؟
– نفس حقم دمشق؛ لا تطير عاليا في المدينة وكثير منها قد تم تهريبه او مات .
– وكيف تموت الحقم؟
– الحقم تموت اذا لم تجد من يعتني بها؛ يطعمها؛ يسقيها؛ وإذا حبست تموت أيضا.
– لكن ما اعرفه انه لا يمكنك الاحتفاظ بالحقم الا اذا حبستها داخل القفص؛ فالحمام المحبوس حمام طيع وادع.
– الحمام المحبوس في القفص لا يعيش طويلا هكذا علمني أبي.
– وهل علمك ابوك قطع المسافات لسرقة حقم الجيران؟
– رجاء لا تتحدث عن أبي هكذا؛ رحمة الله عليه علمني كل الفضائل؛ علمني الصلاة والصيام وعلمني الاحسان والبر والمعاملة الحسنة للجار.
– هذه فضائل جميلة؛ لكنك لم تطبق كلام والدك المرحوم؛ صرت تطير من بلدة لأخرى بحثا عن حمام شارد لتسرقه وهذا لا يجوز في الدين؛ فسرقة حمام الغير يعاقب عليها الرب والقانون.
– وان كان أصحابه لم يحسنوا معاملته؟ ماذا نفعل نحن؟ هل نصمت؟ لا طبعا.. نقوم بإرجاعه الى من يستحقه.
– تسرقون الحمام لتعطوه للغير؟
– نعم ان أساء أهله اليه.
– هكذا تعلمتم في مذاهبكم؟
– نعم؛ هذا مذهبنا نحن الحماميون؛ لا ندع الحمام بيد من لا يستحقه او يسىء استخدامه او يذبحه او يعذبه او يسجنه .
– وهل تعتقد اننا في دمشق نفعل هذا؟
– ااااام؛ اظن ذلك لان أحدا اخبرني بذلك؛ ولهذا أتيت.
– ما رأيك ان تخبرني قصتك بالكامل منذ ولادتك حتى اليوم؟ هل تشرب شايا؟
– شاي! فكرة جيدة؛ هل لديكم شاي كرك؟
– شو يعني كرك؟
– الكرك شاي بالحليب مطبوخ بالنار لمدة طويلة مضاف اليه الزنجبيل او الهيل او بعض المكونات اللذيذة؛ وطعمه لذيذ جدا.
– لا للأسف ليس لدينا كرك؛ نحن لدينا شايا أسود فقط.
– طيب؛ سأشرب شايا اسود.
– حسنا؛ قل لي من انت؟
– انا محمد اسماني ابي بهذا الاسم تيمنا على اسم الرسول محمد؛ عشت في بيت ابي الكبير في مزرعة تحفها النخيل والفواكه؛ حفظت القرآن في صغري وتعلمت أصول الدين والفقه والعقيدة على يد مدرس القرآن في قريتي؛ وورثت كما قلت لك تربية الحقم عن ابي؛ كبرت لا صنعة لي غير هذه اشتري الحمام من أماكن مختلفة وأبيعها لأناس مختلفين حتى صرت أعرف كل حمامة أصلها وفصلها ونسبها ومن أين أتت وكيف طارت؛ صرت أطارد الحمام في عواصم عربية كما أخبرتك وأحضرها الى بلدي لبيعها والترزق منها وهأنذا اليوم أمامك أبحث عن الحمام في دمشق.
– ااااام؛ لم تقنعي حكايتك بعد؛ قل لي ما قصة هذه اللحية الطويلة؟
– في بلادي من العيب قَص اللحية فنحن نقتدي بالرسول في إطلاق اللحية.
– حتى ثوبك القصير اقتداء بسنة الرسول ؟
– نعم
– هل تزوجت؟
– ليس بعد؛
– حسنا؛ أكمل شرب شايك وسوف نكمل التحقيق لاحقا.
في نهاية هذا التحقيق الذي أجراه العميد رياض يوسف مع محمد سعيد محمد تم تبرئة الاخير من كل التهم الموجهة اليه وثبت أن لا علاقة له بأي شىء، وبذلك تم اطلاق سراحه وتسليمه الى سفارة بلاده.