اقتصاد الوظائف الحرة او العمل الحر او الاقتصاد التشاركي ويترجم الى الانجليزية ” الفريلانس” و Gig economy” “ ويعنى به الاقتصاد الذي يقوم على الوظائف المرنة والمؤقتة ويتخلى عن الوظائف الدائمة التي يفضل أربابها التخفف من كثير من الأعباء لا سيما المالية والإدارية التي تثقل كاهلهم.
ارقام المستفيدين من هذا النوع من الاقتصاد في ازياد وارتفاع مضطرد خصوصا عقب انتشار وباء كورونا وفرض عدد من الاغلاقات واضطرار كثير من المؤسسات للعمل عن بعد بالإضافة الى عوامل عديدة منها الركود الاقتصادي وشح الوظائف والبحث عن مصادر أخرى للدخل وانتشار الانترنيت والتطبيقات التي ساهمت في تسريع وتيرة الباحثين عن فرص جديدة للعمل الحر.
وتشير الأرقام غير المحدثة الى انه في الولايات المتحدة الامريكية وحدها يصل عدد من يعملون بهذا النوع من الاعمال الى ستين مليون عامل حر محترف مسجلون في منصة عمل واحدة فقط ووصل حجم التعامل في هذا الاقتصاد الى ما يصل الى تريليون دولار امريكي، وفي اعتقادي ان هذه الأرقام ارتفعت كثيرا عما كانت عليه حول العالم وبات العمل الحر مفضلا لدى الكثير من الباحثين عن وظائف.
قبل الكتابة عن هذا الموضوع بحثت كثيرا عن المنصات التي تقدم خدمات التوظيف المرن او العمل الحر فوجدتها كثيرة ومنتشرة في كل دول العالم وبكل اللغات ولا حاجة للباحث عن عمل سوى ان يشترك في تلك المنصات ويعلن عن العمل الذي يمكنه القيام به في كافة المجالات.
غير ان ما لفت انتباهي في وسط هذا التصفح وجود منصة عمانية تسمى “زميلي” وجاء في وصفها بأنها ” عبارة عن تطبيق يسهل التواصل بين الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة في مهامهم بمقدمي الخدمات، وتساعد المؤسسات للوصول الى مهارات وخدمات الشباب الإبداعية” ويمكن لمن يمتلك مهارة او حرفة لا سيما في المهارات الحديثة في سوق العمل ان يسجل عبر هذه المنصة التي تتيح ايضا الفرصة للمؤسسات والشركات الراغبة في الاستفادة من خبرات الشباب الباحث عن عمل حر الاستفادة من خدماتها.
تعمقت في بحثي أكثر فوجدت ان بعضا من الحكومات قد انتهجت هذا النهج فوفرت لمواطنيها منصات رقمية للباحثين عن عمل تتيح لهم التسجيل والحصول على وظائف مؤقتة او جزئية بالعمل الحر في مختلف مؤسساتها الوطنية والحكومية وهو ما قد يزيح عن كاهلها بعض العبء من توفير الوظائف الدائمة او الوظائف بعقود مؤقتة او عقود عمل دائمة، إضافة الى رفع نسب الاقتصاد التشاركي في الدولة والتسهيل على المؤسسات والافراد الحصول على فرص اكثر من الوظائف المؤقتة والمرنة خصوصا تلك التي لا تتطلب العمل بدوام كامل ويمكن إنجازها من أي مكان في العالم بالإضافة الى تأطير وتشريع وحوكمة العمل الحر وباشراف من قبل الحكومات كي يضمن الجميع حقوقه الكاملة.
تساءلت عن إمكانية تطبيق هذا النوع من الوظائف الحكومية في ظل شح التوظيف وكثرة عدد الباحثين عن عمل وزيادة عدد الاعمال التي لا تتطلب العمل بدوام كامل وانما يمكن إنجازها من أي مكان وفي اي وقت خصوصا وان هذا النوع من الاعمال والاقتصاد يمكن ان يفتح آفاقا جديدة في مفهوم الوظيفة والتوظيف بكافة اشكاله والوانه.
الوزارة المعنية بالعمل والتشغيل يمكن أن تكون المعني الاول بدراسة انشاء هذه المنظومة المتكاملة من منصات العمل الحر والتي تهدف الى خلق فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل وتسهل على أرباب الاعمال سهولة الوصول الى الموظفين الجيدين المناسبين لبيئة اعمالهم والتسهيل في أمور التعاقد وساعات العمل ودفع الاجور وضمان حقوق العامل وصاحب العمل وغيرها من الامور التي تعود على المجتمع بالمنفعة ويمكن لهذه المنصة ان تفتح آفاقا رحبة لمفهوم العمل سواء في القطاع العام او الحكومي وتسهم في الارتقاء بمفهوم الاقتصاد التشاركي.